أعجبني اللقاء مع وضاح خنفر المدير العام لشبكة الجزيرة في منتدى الشباب والتغيير في العالم العربي والذي اعده مركز الجزيرة للدراسات...في اللقاء وضح كيف ان الجزيرة تشهد حربا من قبل الأطراف والأنظمة السياسية..ألخ ، المهم في الأمر وما ركزت عليه هو فضحه لكثير من التآمرات والمراد فيها تشويه سمعة القناة لما لاقت من مصداقية لدى المواطن العربي وأبرزها الكذبة المتداولة والتي نسمعها من الكثير حول التشكيك في منشئ القناة...وهذه القصة نشرت على ما اتذكر في جريدة الاهرام المصرية - أن لم تخني الذكرة - وروجوا لها بل أنها حسب تعبير خنفر أنها خرجت من كونها قصة لتصبح سيناريو طويل عريض بحيث لا يشك معها المواطن العربي في مصداقيتها!!...الرواية تدور حول ان منشئ الجزيرة ضابط اسرائيلي صهيوني.. وكيف ان القناة تحمل مرام و مآرب يهودية وغربية...
ما لفت نظري أثناء بحثي في الآنترنت احد المنتديات والذي ذكر مقالة فيه حقائق عن الجزيرة خطيرة كما يسميها وان مصدرها منسوب لمحلل سياسي استند فيها على تقارير من قنوات بريطانية...في البدء أحب المقال ان يوضح الخلفية التاريخية للقناة فأشار بكل وضوح الى ان القناة هي بالأساس قناة البي بي سي الناطقة بالعربية والتي كانت قد قبلت عرضا من وزير الخارجية القطري لإحتياجها لممول بعد طلاقها من شبكة أوربت لخرقها اتفاقاً معها ليصادف معها تطلعات الوزير القطري ، ثم يكشف المقال عن مصادر تمويل الجزيرة ليقول ان احد مستثمريها شريك اسرائيلي وقد كان له النصيب الأوفر من أسهم القناة واستدل المقال بشهادة مراسل الجزيرة بنفسه جمال اسماعيل!!...
لنرجع إلى وضاح خنفر و النقاط التي التف إليها اهتمامي ، وهي قضية شهود العيان الذين كانوا مصدر القناة بعد مطاردة بعض الانظمة العربية لمراسليها ومصوريها واغلاق مكاتبها ، وكيف أن هذا الأمر لم يؤثر مع موجة الثورتين التونسية والمصرية ، وألمح إلى الفرق بين شاهد العيان وشاهد الزور الذي قال انه في العديد من المرات يتم اختطاف الشاهد من قبل النظام ويستبدل بآخر ليتحدث ويسرد الوقائع ويضخم الأمور ليشوه ويشكك من مصداقية شاهد العيان واستدل بهذه الحادثة ما وقع من جانب المستشار الاعلامي للرئيس اليمني الذي انتحل شخصية دكتورا ينشط في ساحة التغيير .
ثم ذكر حكاية الأشرطة والفيديوهات المصورة التي كانت تتلقاها القناة ، وان القناة تعمل جاهدة في التأكد من مصداقيتها وما إلى ذلك من الصعوبات التي واجهتها ، ثم ذكر الخطأ الذي وقعت فيه القناة لبثها احداثا مصورة يظهر تعذيباً للسجناء ، قيل عنه أنه في اليمن واتضح بعد ذلك انه لسجناء عراقيين وقد اعتذرت القناة في نشرة لآحقة من نشرتها للخبر .
الشاهد من الأمر انهم حاولوا ان يشوهوا صورة القناة وسمعتها بجميع الطرق ، أكانت من جانب شاهد العيان او عن طريق الأشرطة والفيديوهات التي تعتمدها القناة بعد فحصها والتاكد من مصداقيتها ، خنفر ايضا أظهر أن سياسة الأنظمة العربية مؤخرا تجاه القناة واهن ، مشيرا الى أن هذه السياسة كانت لتلقى صدى لو انها شوهدت في الاعوام السابقة ، ملمحاً إلى ان الاعلام قد تغير اليوم فإعلام الشعب هوأقوى من إعلام الدولة ، وقد أصبح الأخذ بهذه السياسات من قبل هذه الأنظمة أمر مكشوفا وواضحا مقاصده ومآربه ...
ومن بين الأسئلة التي طرحت عليه بل أبرزها قضية تناول الجزيرة لأحداث عن دونها ومما فهمت من خلال كلامه في هذا الأمر أن القناة لا تاخذ بأين سيكون موضع الخبرولا تخلقه ، انما هي تسير وتتنامى معه لتوصله بالشكل الذي يتواكب مع المهنية والمصداقية......الخ ، فالقناة تأخذ بالأولوية في نقلها للخبر، فعلى سبيل المثال كيف تستمر بجعل خبرا عن فلسطين في الصدارة في حين أن الثورة المصرية او التونسية في جام تطوراتها ، فالأولوية تأتي لما يشهده الواقع من أحداث وتطورات وليس مرتكزا على دولة بحد عينها....!
ما اعجبني أيضا هو حديث خنفر عن سرعة انطلاق القناة الإنجليزية للقمة في غضون خمس سنوات على إطلاقها وشرح فيه كيف أنهم احبطوا معنوباتهم في فكرة انشائها بقولهم انها لن تأتي لتنافس قنوات كـ سي ان ان والبي بي سي وغيرها ، لكنها فاقت كل التوقعات لتصبح ملجأ الكثيرين من الغرب ومنهم الساسة أنفسهم لمعرفة ما يدور في الشأن العربي بوضوح ومصداقية ، ليقول لسان الحال أنها فاقت في مصداقيتها أكبر قنواتهم الاعلامية !..
ومما أشار إليه أيضاً خبر زفاف إبن ولي عهد بريطانيا ، والذي قال فيه ان قنوات إخبارية كبرى معروفة أفردت لهذا الخبر يومين او ثلاثا أو أكثر لنقله واحاطته الصدارة في نشراتها ، مشيرا إلى ان الجزيرة أفردته كخبر عادي في أحد نشراتها مؤكدا على اهتمام القناة بما هو أهم من ذلك وهو التوجة للإنسان وما يهم الإنسان!.
خنفر الذي قال أيضا أن القناة تحتويها المسلم والدرزي والسنى والشيعي والمسيحي وكلنا نعمل في هذا الصرح بما يواكب المهنية والموضوعية وكذا المصداقية بحيث لا تفرقنا الرؤئ والاختلافات السياسية والدينية والاجتماعية في داخل المؤسسة ، لكن مؤخرا شوهد خروج بعض موظفيها المعروفين وذو قوة على الساحة الاعلامية وما كان ذلك الا لما خبت وظهر التعصب والانحيازية في الرأي...
الظاهر من كل هذا وذاك سأرسمها في نقاط واضحة وجليه وهي :
- قضية ارتباط القناة باسرائيل أكان من ضابط او مستثمر ، في الواقع لو انها قناة تابعة لإسرائيل لما قوبلت بهذا الهجوم اللاذع فالجانب الاسرائيلي نفسه نشر على ان القناة تابعة للأخوان المسلمين ، ومن جانبٍ آخر لو نظرنا إلى هذه التهويلات والحديث المطول والشائعات عن القناة لاتضح لأي عاقل واع بما يجري ان القناة حققت نجاحا باهراً في استقطاب المواطن العربي لما تحمله من مصداقية والا فما سر التفاف الناس حولها خصوصا وأن ابقاء المواطن العربي في عزلة فكرية ودوامة اللاوعي هي من مصلحة النظام الاسرائيلي والغربي ، وما قاد مؤخرا إلى اتهام القناة والتلسن عليها ونشر اشاعات واكاذيب بل اغلبهم وثقوها بدلالات واستنتاجات لا حصر لها ، ما هو الا نتاج ذلك!
- القضية الأهم هو وقوع العديد من المفكرين والمحللين في خندق تصديق هذه الاكاذيب أكان عن غير قصد او بقصد ممولا أو غير ذلك ، المهم انهم كانوا كالحطب أو الكيروسين الذي يزيد النار اشتعالاً ، فهيهات وهلم جراً بتلك المقالات والتحليلات التي تتناول القناة وتلذعها بالكلمات الخادعة تارة واخرى بالأدلة والمواثيق المغلظة لينتهي أغلبها بتساؤلات فارغة من مضامينها لا مجيب لها تظهر بصيغٍ تعجيزية لينتهي بها المطاف إلى سلة المهملات!!.
- الجدير ذكره ايضا في هذه النقاط استعمال ورقة ويكيليكس لتصبح عند ممن نحسبهم عقلاء دليلاً دامغاً وكافياً لإتهام القناة وإجازة لبث السموم عليها ، واني لأستعجب ممن يصدق ما بث في هذه الوريقة وقد اتضح أنهم ذو أغلبية متدينة محافظة بتعاليم الدين الاسلامي ، ولقد حقق صداها انتشارا واسعاً لدى السواد الأعظم من الناس في وطننا العربي ، لقد تناسوا قوله تعالى : ( يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ، هذه الآية الكريمة ذكرت في شخص لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا غير ذلك بل كان مسلماً ، فكيف بمن يأتينا بالأخبار ونحن نعلم علم اليقين انه غير مسلم!!...قضية ويكيليكس ليست الا لجذب الشهرة لا أكثر وليس مستبعدا بالمرة ان تكون لعبة ورق بين إسرائيل والغرب على الامة العربية والاسلامية ، فهي قد حققت الكثير من الفتن داخل الكيانات والشعوب العربية وأنظمتها اكثر بمئات المرات بشبيهتها الغربية .... فكيف تاتي فجأة وتنشر خبرا عن الجزيرة في خضم نقلها للثورة المصرية ثم يأتي اختراقها لقاعدة البيانات الخاصة باعلاناتها في اعلى موقعها على الإنترنت ليرسم شعار "معاً لإسقاط مصر" والذي تزامن ايضا التهجم على مكتبها واقتياد مديرها وتهديد مراسليها وملاحقتهم ، فكل هذا يقودنا إلى تذكر المفهوم الذي يقول ان من يريد الحقيقة والحرية يجب أن يدفع الثمن!!.
- الشئ الآخر الذي ساعد في هذه الفتنة هو تفرقنا وانحيازنا وتصديقنا لما يأتي من الغرب ولو على حساب ديننا وأنفسنا وما تمليه علينا ضمائرنا ، فقد زرعوا فينا التفرقة والخلاف في كل شئ ، حتى مع اتفه الأسباب والأمور ، جعلونا اناسا مهزوزين لا ثقة بين بعضنا البعض ، والمصيبة ان كلامي هذا ليس باختراع ولا بجديد بل الجميع يعلم ذلك ، ولكن لا أدري لما نتجاهل هذه القضية والتي بزوالها تزول كافة العقبات التي ما عرفناه ولا تأتينا الا منهم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق