يحكى أن شابا من العرب أحب فتاة من قبيلته وكان دائما يراها مع بعض بنات عشيرته وهي
تذهب للغدير وكله خجل بأن يعبر لها عن حبه خوفا من عشيرته التي سوف تلومه لأن الشاب
من فرسان العشيرة ومن الذين يحمون بناتها ففكر مليا كيف يراسلها أو يلفت انتباهها وقد كانت
هي الفتاة الوحيدة بين الفتيات تقول الشعر وتحبه فرأى الشاب صخرة كبيرة مقابلة للغدير التي
تذهب إليه الفتاة كل يوم وتشرب منه فكتب بيتا من الشعر على تلك الصخرة لمحاولة جذب انتباه
الفتاة لعلها ترد عليه علما أنها شاعرة فكتب هذا البيت :
يامعشر العشاق بالله خبروا *** إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
وانصرف كي لا يراه أحد وغاب فترة وفي فترة غياب الشاب مر الشاعر الداهية الأصمعي
فرأى ذلك البيت مكتوبا على الصخرة فأعجب به وكتب تحت البيت ردا على الشاب :
يداري هواه ثم يكتم سره *** ويخشع في كل الأمور ويخضع
فرجع الشاب إلى الصخرة فوجد الرد ففرح وصال وجال حول الصخرة يتمعن في حسن خطها
وفي عذوبة ألفاظها ظنا منه أن حبيبته هي من كتبت هذا الرد فكتب تحته وقال :
فكيف يداري والهوى قاتل الفتى *** وفي كل يوم قلبه يتقطع
ثم انصرف كي لا يراه أحد وغاب فترة ورجع الأصمعي إلى الصخرة متفقدا رده فوجد أن
هناك من رد عليه وقرأ الأصمعي ذلك الرد ثم كتب تحته :
إذا لم يجد صبرا لكتمان سره *** فليس له شيء سوى الموت أنفع
فرجع الشاب فوجد الرد ولكن الرد كان مخيبا للآمال فحزن حزنا شديدا ومن شدة حزنه طعن
نفسه بخنجر وأخذ قليلا من دمه جاعلا منه حبرا وسطر به هذا البيت :
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا *** سلامي على من كان للوصل يمنع
ثم عاد الأصمعي في اليوم الثالث فوجد الشاب ملقى تحت ذلك الحجر ميتا فبكى عليه الأصمعي
بكاء شديدا وقال هذا البيت :
هنيئا لأرباب النعيم نعيمهم *** وللعاشق المسكين ما يتجرع
0 التعليقات:
إرسال تعليق